الناجي الوحيد من أبناء "أبوعبيدة" ينعيه بكلمات مؤثرة

8441833394159202512300813171317
ا

 

 

بكلمات تقطر ألمًا وإيمانًا، نعى إبراهيم، نجل الشهيد حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، المعروف بـ«أبو عبيدة»، المتحدث باسم كتائب القسام، والده وأفراد عائلته الذين استشهدوا في قصف إسرائيلي استهدفهم في قطاع غزة.

 

لم يكن الرثاء مجرد كلمات حزن، بل شهادة حية على فاجعة عائلة كاملة، وعلى معنى الفقد حين يلامس الروح ويترك الناجي وحيدًا أمام قدر ثقيل. «يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزًا عظيمًا»، عبارة استهل بها إبراهيم وداعه، لتتحول إلى عنوان لمأساة إنسانية تختصر وجع غزة المستمر.

 

وداع عائلة كاملة في لحظة واحدة

في منشور مؤثر، عدّد إبراهيم أسماء أفراد عائلته الذين ارتقوا شهداء، مستحضرًا وجوههم واحدًا واحدًا: والدته إسراء غسان جبر (أم إبراهيم)، ووالده حذيفة الكحلوت (أبو إبراهيم)، وشقيقته ليان، وشقيقته منة الله، وشقيقه يمان. لم تكن الأسماء مجرد سرد، بل محاولة للتشبث بالذاكرة في مواجهة الغياب، وكأن الكلمات آخر ما تبقى له ليحفظ حضورهم.

 

نجاة بأمتار.. وحياة كُتبت من جديد

روى إبراهيم تفاصيل نجاته التي لا تقل قسوة عن الفقد ذاته، مؤكدًا أن المسافة بينه وبين الشهادة كانت أمتارًا قليلة. قال إنه كان ملتصقًا بشقيقه يمان الذي استشهد وهو يمسك بيده، في مشهد يلخص هشاشة الحياة تحت القصف. ومع ذلك، كتب الله له النجاة، ليحمل وحده عبء الذكريات والأسئلة، ويستحضر يقينًا إيمانيًا راسخًا: «ولكن الله غالب على أمره».

 

تربية على القرآن والعز والكرامة

في منشور آخر، لم يكتفِ إبراهيم بالرثاء، بل وجّه رسالة امتنان لوالديه، مؤكدًا أن ما تركاه له ولإخوته أكبر من الفقد. شكرهما على تربيتهما على حفظ القرآن، وعلى غرس القيم الدينية، وتعليمه معنى العزة والكرامة، والإيمان بأن الدنيا فانية والآخرة باقية. كلمات عكست صورة أسرة صنعت أبناءها على مبدأ، وواجهت المحنة بإيمان راسخ.

 

دعاء الختام.. وصبر لا ينكسر

اختتم إبراهيم كلماته بدعاء صادق لأسرته، مستسلمًا لقضاء الله دون إنكار للألم. قال إن فقدهم لا يُطاق، لكنه لا يقول إلا ما يرضي الله، مكررًا عبارة «إنا لله وإنا إليه راجعون»، في ختام يجسد الصبر الممزوج بالحزن، والرضا المشوب باللوعة.

 

حماس تنعى «أبو عبيدة».. الصوت الذي أرّق الاحتلال

من جانبها، نعت حركة حماس الشهيد حذيفة الكحلوت، قائد الإعلام العسكري والمتحدث باسم كتائب القسام، مؤكدة استشهاده مع عائلته في قصف إسرائيلي وصفته بـ«الغادر والجبان». وأشارت الحركة إلى أن استهدافه جاء وهو على أرض غزة، في ذروة المواجهة التي أطلقت عليها «طوفان الأقصى»، معتبرة أن صوته كان من أكثر الأصوات تأثيرًا خلال الحرب، وألهم الملايين داخل فلسطين وخارجها.

 

القسام تعلن استشهاد قادة بارزين

وفي بيان لاحق، أعلنت كتائب القسام استشهاد عدد من قادتها، من بينهم محمد السنوار (أبو إبراهيم)، قائد أركان القسام، الذي تولى القيادة في مرحلة شديدة التعقيد، وكان له دور محوري في التخطيط لعملية السابع من أكتوبر وإدارة المواجهة العسكرية. كما نعت محمد شبانة (أبو أنس)، قائد لواء رفح، الذي شارك في عمليات عسكرية بارزة جنوب القطاع، وحكم العيسى (أبو عمر)، الذي راكم خبرات عسكرية واسعة وأسهم في التدريب ونقل الخبرات. وأكدت كذلك استشهاد رائد سعد (أبو معاذ)، قائد ركن التصنيع، مشيرة إلى دوره في تطوير منظومة التصنيع العسكري.

وفي أبرز ما ورد، كشفت الكتائب رسميًا عن هوية «أبو عبيدة»، مؤكدة أن اسمه الحقيقي حذيفة سمير عبد الله الكحلوت، وأنه شغل منصب قائد إعلام القسام، وكان الصوت الأبرز خلال الحرب.

 

 

رحيل «أبو عبيدة» وعائلته لا يُختزل في خبر عاجل أو بيان نعي، بل يبقى حكاية إنسانية موجعة، تتقاطع فيها السياسة مع الألم الشخصي. وبين كلمات الابن الناجي وبيانات الفصائل، تظل الحقيقة الأوضح أن غزة تودّع أبناءها واحدًا تلو الآخر، بينما تبقى الذكريات حيّة في قلوب من كتب لهم البقاء، ليحملوا الحكاية ويواصلوا سردها للعالم.